تابع راديو الشمس

الميلاد هذه السنة بمعناه الوجودي: التحدي لمسيحيي الشرق

الميلاد هذه السنة بمعناه الوجودي: التحدي لمسيحيي الشرق

شارك المقال

الميلاد هذه السنة بمعناه الوجودي: التحدي لمسيحيي الشرق

 الهام فريحه

 

إنه زمنُ الميلاد... زمنُ البشارةِ بأنَّ مريم ستَلِدُ الطفلَ يسوع... زمنُ الراعي الذي زار المغارة، مكان المولِد وشاهد يسوع مع أمِّهِ ويوسف وانطلقَ يُخبر بما شاهد. 

هذا هو الميلاد: 

طُفلٌ وبشارةٌ والراعي. وتواضعٌ وعودةٌ إلى الجذور والينابيع. أين نحن اليوم من الميلاد الحقيقي الذي كان قبل ألفين وثلاثةَ عشرَ عاماً؟ 

 

لم يطلب يسوع من الناس أن يكونوا مؤرِّخين بل أن يكونوا مؤمنين، لم يؤسس حزباً ليطلب من أتباعه أن يكونوا حزبيين، بل جاء مخلِّصاً ليُخلَّص الإنسانيةَ جمعاء. 

 

الطفلُ يسوع وُلِد في مزود، وهذا ما يُفتَرض أن يُعلِّم الناس التواضع. 

الطفلُ يسوع لم يكن يملك إمكانات ليطوفَ ويُبشِّر بل اعتمد على بعض التلامذة، وهُم بلغة اليوم المؤسسة، وهذا يدلّ، من فجر التاريخ وحتى اليوم، على ان العمل الفرديَّ لا ينجح، سواء أقام به شخصٌ عادي أم حتى إلهٌ تجسَّد في إنسان. 

 

تأسيساً على كل ما تقدَّم، ماذا يبقى من ميلاد الطفل يسوع؟ 

من المؤكَّد أن تعاليمه تبقى، ولكن مَن يسير على هذه التعاليم؟ 

نعود ونكرر أنَّ السيِّدَ المسيح لم يؤسس حزباً بالمعنى الضيِّق، بل راح يُبشِّر في الأرض، ولذا فإنَّ الميلاد هو واحدٌ من عيدَيْن هما الأهم لدى المسيحيين: 

عيدُ القيامةِ وعيدُ الميلادِ، والإيمانُ بهذين العيدَيْن هو جوهرُ المسيحية. 

إذاً من معاني الميلاد، الرجاء، لأنَّ المسيحيَّ إذا لم يحيا على رجاء القيامة فإيمانه يكون باطلاً. 

 

هنا بيتُ القصيد، فالقيامة بالمعنى السياسي هي مغادرة الإحباط والخروج من مستنقعه إلى رحاب النهضة بمعنوياتٍ مرتفعة، فالميلادُ هذه السنة يأخذ معنىً خطيراً جداً وكبيراً جداً، ألم يَقُل البابا فرنسيس أنه لا يتصور الشرق من دون المسيحية؟ 

هذا كلامٌ حقٌّ يُراد به حق، فالمسيحية وُلِدَت هنا في هذا الشرق: 

الميلادُ تمَّ في بيتَ لحم، فأين بيتَ لحم اليوم؟ 

أكثر من ذلك، لنطرح السؤال كما هو: 

أين المسيحية في الشرق اليوم؟ 

وأين المسيحيون في بلدانِهِم اليوم؟ 

 

في عيدِ الميلاد، ومع السعي الحثيث للابتعاد عن السياسة، ولو في يوم العيد، فإنَّ السياسةَ تلاحق المسيحيين لتطرح عليهم التحدي التالي: 

الشرقُ مهدُ المسيحيةِ فكيف ستحافظون عليه؟ 

إنه السؤالُ التحدي المطروح على كل المسيحيين، قادةً ومسؤولين وسياسيين وحتى مواطنين عاديين، وهذا السؤال، على رغم أهميته وخطورتِهِ وحساسيتِهِ ودقتِهِ، فإنَّ جوابه هو عند المسيحيين أنفسهم قبل أن يكون عند غيرِهِم، فالعبرةُ ليست في التحدي في حدِّ ذاته بل في كيفية مواجهتهم لهذا التحدي.

 

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول

هنا سيكون وصف ثانوي بحال لزم الأمر.