تابع راديو الشمس

اذار حزين وهموم ثقال وحالة من اللاوعي في ظل صمت رهيب

اذار حزين وهموم ثقال وحالة من اللاوعي في ظل صمت رهيب

شارك المقال

اذار حزين وهموم ثقال وحالة من اللاوعي في ظل صمت رهيب

 

 المحامية انصاف أبو شارب

(الكاتبة  مديرة مركز حقوق المرأة العربية في النقب في منظمة ايتاخ معك حقوقيات من أجل العدالة الاجتماعية)

 

هل تمكنت تلك السنين الماضية من إدراج قضايا المرأة النقباوية في ساحة اتخاذ القرارات وزحزحة الأفكار الغابنة اتجاه أبسط الحقوق الإنسانية وهل نحن راضيات عن وضع المرأة العربية في النقب في العام 2014 .

الجواب هو كلا. لأنه ما زالت المرأة العربية في النقب حتى يومنا هذا تسلب حقوقها تحت مسميات حمايتها بواسطة العنف الأسري و تعدد الزوجات الامر الذي يسخرها لإرادة الرجل سواء الزوج او الاب او الأخ   ويبقيها خاضعة لسيطرة الرجل الذي يمارس عليها صورا مختلفة من القهر والاضطهاد بدعوى ان الزواج من امرأة ثانية هو لحماية المرأة من شبح العنوسة الذي عشش وزرع في العقول منذ الصغر متناسيا بذلك أنه لم يحل مشكلة بل خلق مشاكل جمة من ظلم للمرأة نفسها وللأطفال وتفكك الاسرة وحتى الرجال أنفسهم أشقياء بهذا فلماذا التعدد ولماذا العنف؟   كيف للرجل ا أن גساهم بنفسه بهدم بيته وحياته ومجتمعه؟ ان الإنسان العقلاني يسعى لمصلحة بيته وعائلته ومجتمعه ولا يعمل لدمار ذاته. ماذا حل في مجتمعنا؟

كيف للرجل أن يمارس القهر والظلم بحق من ربط مصيرهم به؟ كيف له أن يحطم ذاته؟ كيف له أن يدمر حياة أقرب الناس إليه? الا ,وهن زوجته أو ابنته أو أخته؟ 

ما زالت المرأة، سر الحياة وواهبة الحياة ومربية الاجيال والعنصر الأهم في المجتمع تجلد وتعاني الأمرين في ظل واقع لا يرحمها أبدا، بل يفرض عليها الصمت والتكتم واجتراع الذل وألم النفس وألم الجسد وبالتالي يحكم على المجتمع بأكمله الفشل والدمار والشلل لان المرأة هي مرآة المجتمع التي تعكس حاله وأوضاعه. وأحوال المرأة النقباوية بعيدة كل البعد من أن تكون مرضية!

انها تحرم من حقوقها الأساسية في اختيار وتقرير مصيرها وتقاد رغما عنها بحكم عادات زائفة الى مصير لم ترضاه ولم تختاره؟ بل اختاروه لها ونصبوا أنفسهم أولياء واوصياء عليها وكأنها قاصر أو فاقدة للأهلية لا تعي مصلحة نفسها وهم المدركون. هكذا غرسوا في عقلها منذ نعومة أظافرها , انهم أصحاب الشأن والقرار وما لها الا ان تنصاع . فهي بنظرهم ملكهم يصنعوا بها ما شاءوا بعد ان الغوا ارادتها ونفوا وجودها واستعبدوها. يزوجوها لمن شاءوا فليس لها حق الاختيار. تارة يضربوها وتارة يسجنوها فلا من مناصر ولا من مغيث ولا من معاقب ولا من محاسب لان قانون الغاب يتيح ذلك بكل بساطة!

الا يحق للمرأة ان تكون ولية امرها وتقرر لذاتها دونما ان توصف بالتمرد على الأعراف! ما من تمرد في ابداء الرأي وتقرير المصير!

اننا بحاجة إلى مجتمع يحترم المرأة. لا مجتمع يضهدها. مجتمع يعترف بكينونة المرأة وينقذها من العنف والدمار. لا نريد مجتمع يتأمر عليها. ونرفض كل وسائل التذليل والاخضاع القامعة.  

ان الرجل في مجتمعنا يعاني من الازدواجية، حيث في الليل يعاشر المرأة ممارسا ومثبتا بذلك سيطرته وقوته عليها وفي وضح النهار يضربها وينتهك أبسط حقوقها، ظنا منه بأنه السيد الحاكم والامر الناهي. نفس المبدأ ينطبق عندما يتزوج الرجل من امرأة أخرى ليس لأي سبب وانما فقط لتفريغ هيجانه وارضاء غرائزه. ولكن الزوجة الأولى التي هجرها لواقع اجتماعي واقتصادي بئيس لا يبالي لشأنها. يهجرها الزوج لأشهر وأحيانا لأعوام , لكنها بنظره ما زالت زوجته التي يمتلكها ويمتلك جسدها وجميع أحاسيسها. هو يتذكرها فقط إذا ما رغب في مضاجعتها وهي لا تملك سبيلا للرفض والا فعقباها أشد وأقسى عندما تطرد من بيتها وتحرم من أطفالها ومن جميع حقوقها ... لذا تختار الصمت مرغمة وتبتلع الإهانة وتحبس مشاعرها مذللة بذلك جسدها لشراهة من يدعي المجتمع بأنه زوجها! لا ترفض! لا تصرخ ولا تقول أي شيء سوى أنها تعد اللحظات التي بعدها يغادر ذلك "الزوج" بيتها ليتركها تلملم جراحها وتفزع بشدة من اليوم التالي الذي تنتزع به مؤسسة التأمين الوطني مخصصات ضمان الدخل والتي بالكاد تكفي لسد احتياجاتها واحتياجات أطفالها الصغار لأنها حتما ستتهم بالكذب والتحايل على المؤسسة وبأنها تسترت عن كونها امرأة تشاطر زوجها حياة اجتماعية واقتصادية كاملة نظرا لإجحاف مؤسسة التأمين الوطني التي تنتهج سياسة الاقصاء مع المرأة البدوية. هنا تقع المرأة في مأزق يحكم عليها وعلى أطفالها الفقر الشديد في أغلب الحالات يتملص الاب والزوج من تحمل النفقات ومن مسؤولياتها القانونية. نعم، لقد باتت عادة في مجتمعنا تهرب الأزواج والاباء من نفقات الزوجة والأطفال، بينما يبني هذا الزوج بيت زوجية اخر منغمر في ملذاته ويعد للجريمة القادمة! 

ان الزواج من امرأة أخرى هو أداة لقمع للمرأة والنساء وهدفها الوحيد احتكار سيادة الرجل على المرأة بصورة ابدية والاختزال من حقوقها واستعبادها للأبد. هذا هو السبب للتعدد ولا توجد أية أسباب أخرى عدا انها تكرس المكانة الدونية للمرأة، هذا الزواج يخدم فقط مصلحة الرجل وشهواته. فلا بد انه مرض فتاك يزداد انتشارا في مجتمعنا وينتقل بالعدوى ويدفع الرجل نحو الهاوية وتحطيم زوجته وأطفاله وبيته وذاته وكيانه البشري ومجتمعه لأنه يجرد الرجل من كل قيم ومعاني الحياة الانسانية الأساسية وعلى رأسها الكرامة والاحترام! وأيضا يفقد المرأة ماهية وجودها وينفيها الى أسوء حال فهي بحكم المجتمع مستبعدة من دائرة الحقوق 

العنف الاسري المستشري في مجتمعنا والذي تعاني منه المرأة على يد الرجل من الام جسدية ونفسية إضافة الى العنف الاقتصادي وحرمان المرأة من أية أموال أو مصروف وتحكم الرجل بنفقات البيت فهو ينفق حسب مزاجه ويحرم الزوجة من المشاركة في إدارة البيت الاقتصادية. 

هذه الكلمات ليست قصص نساء وهمية من عالم مضى واندثر وليست تخيلات وليست أحلام سيئة وليست اوهام! انهه واقع تعانيه نساء نقباويات بشكل يومي. هذه السطور ترسم يوميات امرأة لم يحالفها الحظ لتكتبها بنفسها. هذه العبارات تجسد ألام كبيرة وأحلام صغيرة لنساء حكم عليهن مجتمعهن بالوأد في الحياة! هؤلاء النساء لا يجرؤن على اسماع اصواتهن! حكمت عليهن سلطة الرجل أن يبتلعن الذل والاهانة ويحرمن من العدالة!  بل وحكم عليهن المجتمع بالصمت إزاء تلك المآسي وأرغمهن أن يقدمن التضحيات من أجل السترة ومن أجل أطفالهن ومن اجل أزواجهن ومن أجل أباءهن ومن أجل اخوتهن ومن أجل زمرة كل الرجال ومن أجل المجتمع الذكوري الذي لا يبالي بهن ولا بمصيرهن!   

فما هو السبيل الى التغيير ورفع الظلم عن المرأة وإعادة ما سلبت منها المؤامرة العشائرية من حقوق بشرية؟ لا بد من الصحوة! لا بد من ابداء الرفض لكل قهر! لا بد من كسر حجاز الصمت والمطالبة بالحقوق على يد المرأة نفسها! لا تنتظري من الرجل ان يتنازل عن سيادته وجبروته لأنه غارقا من رأسه حتى أخمس قدميه بشعور العظمة والانانية اللامتناهية! أنت فقط مخلصة نفسك ومنقذة ما بقي فيك من حياة! لماذا انت صامتة! لماذا لا تثوري! حتى متى تستحملي! ماذا ستخسرين! وعلى ماذا ستحصلين بالمقابل! ما هو ثمن الحرية والاحترام والحياة الكريمة لديك؟ فكري في بناتك وانت مثلهن الاعلى؟ هل ترضين لهن بمصير كالذي تعيشنه؟ ماذا فعلت حتى الان لتغيري حياتك؟ حاسبي نفسك وابدئي بنفسك وسترين بدايتك تتكرر لدى نساء اخريات! كوني انت من أطلقت شرارة التغيير! ان الحياة واللاحياة لا تتساوى ابدا!

بئس الحياة الظالمة وبئس كل القيود الجائرة! 

يا معشر النساء أفيقوا من السبات العميق! 

نعم يحق لكن ان تنعمن بحياة أفضل تتمتعن بها بكامل حقوقكن الإنسانية والكونية!

 اعلمي انه لا يحق لأي مخلوق ان ينتقص حقوقك! لا توجد شرائع تسمح بذلك سوى شريعة الرجل المستبد والمهيمن –أرفضوها وثوري على شريعة المنظومة الابوية!

وأخيرا تحياتي لجميع النساء الكادحات والمناضلات يوميا من اجل نيل حقوقهن ومن اجل الارتقاء الى حياة تليق بهن كمخلوقات بشرية متساوية!

تحياتي لكل النساء التي علت أصواتهن ولم يصمتن على الذل وذهبن مطالبات بحقوقهن بكل شموخ وعزة وكن مستعدات لمواجهة الظلم ودفع ثمن الإرادة والحرية غاليا!

تحياتي لكل امرأة ما زالت تعاني بصمت وترزح تحت الهموم ولم تستطع حتى الان استجماع بقايا قواها لتنهض من تحت الأنقاض وتطلق صرختها قوية مدوية في وجه ظلاميها! حتما سيأتي يوما تنهار فيه سلطة الاسياد!

 

 

 

 

 

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول

هنا سيكون وصف ثانوي بحال لزم الأمر.