تابع راديو الشمس

الحب الحلال؛ صفاته وضوابطه

الحب الحلال؛ صفاته وضوابطه

شارك المقال


الحب الحلال يتوق إليه أولئك المخلصون الذين يرون الله في كل أفعالهم وحركاتهم، فالحب في معناه مستعصي أبدا على الفهم، إليه تتوق الأرواح وتتجاذب القلوب في شكل ساحر فريد، لا تدري لماذا وما السبب الذي دفعك ليختلج فيك ذلك الإحساس، لكنك أبدًا تؤمن أن قدر الله محيط بك كيفما أراد، يمهد لك سبل الخير، وما تراه الآن سببًا لشقائك وضرك هو غدًا سببًا لنفعك وارتقائك، فحاول ألا يتبدى منك غضب على ما أنت فيه من حال سيء ربما وكن متيقن في مقدور الله أنه كله خير، وداوم الحال لطالما كان من المحال، فلا تلتفت أبدًا إلى أي سوء قد يصيبك بناء على هذا الوضع. 

الحب هو معنى كما أشرنا يستعصى على الفهم لكنه أبدًا ما استعصى عن الشعور به والإحساس بجميل أثره، يغمرك وأنت في ذروة حزنك وضيقك فيستحيل أمرك إلى كل خير، تبدو علامات الحزن فيك متبدية، لكن ما إن تطأ أرض الحبيب أو بالأحرى قربه حتى يستحيل كل شيء فيك إلى أقصى ما يمكن أن تتخيله من سعادة وفرحة، لم تعش قبل اليوم؛ هكذا يتردد فيك هذا الرجع وهذا الصدى، تستبين وقعك وقدرك الجديد الذي لم تكن قبل الآن تتعرفه أو تدرك فحواه، تلوح فيك كثير من المعاني التي يومًا ما وطأتها أرضك ولا خطتها دروبك، لا تريد أن تستفيق من حلمك إلا وأنت بـ الحب الحلال قد غُمرت وقد توجت.

إنك اليوم بعيد ربما عن ذلك الحب الذي تتمناه، لكنك لست بعيدًا أبدًا عن رزق الله لك، الحب الحلال في انتظارك مستقبلًا، فلا تجنح يا عزيزي بعيدًا عنه إلى دروب اللغو والسوء، كن على قدر المسؤولية ورافق الصبر، فبالتأكيد سيحملك في الأخير إلى ما تبغاه من الحب الحلال، الحياة بجملتها اختبار كبير لك، فلا تتوقع من ذاتك أكثر من أن تقاوم وتجاهد، وفي الجوار ابذل قصارى جهدك أن تجد ما تبغاه من نجاح ومن زوجة ومن رفيقة تسير بك إلى المنتهى الذي تبحث عنه.

الحب في العموم لمن أسمى المشاعر التي يمكن أن يحياها الإنسان في حياته، لا معرف له ولا مؤد إليه لكننا في الإطار نفسه يمكننا تعريفه على أنّه ميل دون اختيار إلى شخص آخر حيث يسود في نفسك شعور يوجهك صوب هذا الشخص معجبًا به بسلوكه وتصرفاته؛الحب الحلال طبيعة جبلنا علينا، فطرة لا نحيد عنها ولا نستطيع أبدًا أن نمر بدونها، ولكن علينا أن نَفهم الحب بمعناه الحقيقي، والمعنى الحقيقي للحب لا يمكن أن يكون إلا حينما يترافق مع ما أحله الله تعالى وما نهانا عز وجل عنه، ولكي نمر إلى ذلك علينا أن نستوضح بعض الأسئلة لنجيب عليها: ما هو الحب الحلال؟ هل هناك حب حلال وحب آخر حرام؟ ما الواجب علينا فعله حيال الاختيار.

الحب الحلال كمفهوم عام

الحب الحلال بمفهومه العام يشير إلى حب نقسي خال من شبهات الحرام التي تكتنف كثير من العلاقات، فالإسلام لم ينه أبدًا عن الحب لأنه هو دين الحب؛ لكنه عمد إلى تأطير ذلك ووضع حدود له، ولك حتى يستقيم حال البشرية في مسار إنساني يبتعد عن البهيمية ويفارق مضاجع السوء والتربص، "والذين آمنوا أشد حبًا لله" هكذا وصف القرآن الكريم المؤمنون، وصفهم بأنهم يحبون الله ليس ذلك فقد، بل هم أشد حبا له أي شيء آخر. 

يكون الحب نزيهاً ونقياً ما دام لا يحيد عن أسس الشرع وضوابطه، فلا سلوك فيه سيء ولا عمل شاذ، جُبلنا على عدم التحكم في مشاعرنا، الله يلقي في قلوبنا بذرة الحب دون اختيار؛ الأمر كله بيد الله وحده، والإنسان لا يؤاخذ بميل قلبه أو حبه لإحداهن،ما يُحاسب عليه الإنسان هي تصرفاته وأفعاله التي تصدر ربما عن ذلك الحب، تصرفاته هي التي توصف حبه بـ الحب الحلال من عدمه، إن كانت خيراً فخير وإن كانت سيئة فيؤاخذ عليها ويحاسب، ولذلك يجب على الإنسان أن يراقب نظره وسمعه وحواسه كلها.

أشكال الحب الحلال

يواجهنا الحب الحلال بأشكالٌ ربما وأصنافٌ كثيرة ، ربما يستغرب أحدنا ذلك لكننا سنبين في قادم الفقرة مقصودنا بتلك الأشكال والأنواع:

حب الإنسان لله وهو أرقى أنواع الحب الحلال؛ أن تصدر في كل أفعالك وأقوالك عن شيء واحد ألا وهو حب الله، تتحرى الله في كافة ما تفعل في هذه الحياة، مقصودك هو الله الواحد الأحد، حبّ الإنسان لربه يكون عبر الإيمان الخالص به واليقين في قضائه وقدره واتباعه لما أمر به وما نهى عنه؛ و بهذا يكون الإنسان قد مارس صورة من صور الحب الحلال التي شرعها الله،  

ونذكر أيضاً حبّ الإنسان لوالديه وحب الوالدين لأولادهما فذلك الحب لمن أسمى ما يمكن أن يهبه الإنسان في حياته، حيث الله الواحد الأحد أوصى بهما من فوق سابع سموات، برهما والحرص على رضاهما، فهو حب حلال؛ إذ إنّه حب فطري يوجده الله في نفس الوالدين والأبناء ليس فيه مصلحة أو هدف سوى رضا الله،

أمّا حب الزوج لزوجته والزوجة لزوجها فهو الحب الأشهر الذي ينطلق إليه الفكر بالظن حين يذك كلمة حب في إطلاقها، وهو رزق يبعثه الله في قلوب عباده تجاه أنصافهم التي يقدرها الله لهم.، ففي هذا الحب يكون الاستقرار والسكينة والمودة، وبناءً على تلك الأجواء الحالمة لا خوف أبدًا على الأطفال والأبناء فهم ثمرة لهذه الحب ولتلك الأجواء، وبالتالي سيشبون في ظروف نفسية مثالية، وسيكونون في الأخير مثال حي للسلوك الطيب الذي يسير على هدي من أبويهما إلى ما يرجونه من خير.

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول

هنا سيكون وصف ثانوي بحال لزم الأمر.