تابع راديو الشمس

الطفل الذي في داخلي

الطفل الذي في داخلي

شارك المقال

تتراقص الكلمات وتتبعثر الحروف عندما أفكر في ذلك الخيال الأسطوريّ اللّماع ، الذي تخيّلته طفلاً بريئًا يترنّم بكلمات الطفولة البريئة ويشدو بتلك الأناشيد التي كانت تشدوها جدّتي تحت شجرة الزيتون المورقة ...فتارة يرفع صوته لينادي وتارة يسكن ويهدأ ليبدأ بداية أخرى جديدة بدون كلٍّ أو ملل يلعب ..... يصرخ .... يضحك وحتّى أنّه أحيانا يحنّ ويشتاق لدكاكين الألعاب التي كان يرتادها منذ زمن .

لا أعرف كيف  أجابهه لأبقى ذلك الإنسان البالغ الرزين الذي أخاله في القمم دائما يصبو للارتقاء والعلو بين  أولائك الكبار الذين ينتقدون ويتطلعون بعين ثاقبة وبإرادة حازمة بدون تردد أو تلكؤ ولو لحين أما ذلك الطفل الذي يسيطر على مشاعري يقودني إلى تلك البراءة الغراء التي لم تكن لها أصلا حدود بل فتحت لها جميع الأبواب لتمحى كلمة " موصدة " من قواميسها . أتذكر أحيانا ذلك الفستان الجميل الذي أهدته لي جدتي .......أتذكر تلك الفرحة بطعمها السحري النادر كمن ملك الدنيا وما فيها ، سعادة وسرور غزت قلوب الكثيرين فكلنا عشنا مرحلة انقضت بين غمضة عين وانتباهتها لتصبح ذكرى من محطات الذكريات ، ونغمة من أغنية ما زلنا نصيغ لها الكلمات ، ولكن نشتاق إلى ترديد بدايتها دائما إلى أن نرى أنفسنا قد تقمصنا شخصية الطفل الصغير الذي لم ولن يرحل عنا لأننا نريده في داخلنا فنحن نحتاج إلى براءته وعفويته ، حركاته وبسمته ، نسيانه لكل أذى يلقاه ، وغفرانه لكل من آذاه ... نحن نحتاج إلى تسامحه غير المحدود ورقصاته التي تميّز الفرح في هذا الوجود ، صفحات حياته كلّها بيضاء تعبّر عن كلّ الصفاء الذي في الدنيا ، أحلامه تصل إلى قمم الجبال لترتاد غيوم الخيال وتتسلق قممًا وتلال .....

أخالكم تحنون لتلك الأيام وتتمنون رجوعها ولو لثوان ........

أيّام الطفولة التي حملت في طيّاتها صفحات كثيرة خطت في داخلها رسومات وألوان ، كانت لنا كريشة فنان لا غنى له عنها فهي أداة العمل التي تعينه على تحقيق أهدافه و ذكرياتنا الطفولية هي ريشتنا التي ما لبثت أن تخطّ صورة الطفل البريء لتسقط آبية أن تتجاهل قطار الزمان الذي يمشي ولا يرجع أبدا ولكنه محمّل بكلّ المشاعر والذكريات .فيا نفس قومي لتقوّمي ، خذي كل ما هو جميل من ذلك الطفل الرّزين الذي في داخلي وكوني مثالا للعقلانية الراقية التي ترنو لغد أفضل ومجتمع لا يسكنه المستحيل .

phone Icon

احصل على تطبيق اذاعة الشمس وكن على إطلاع دائم بالأخبار أولاً بأول

هنا سيكون وصف ثانوي بحال لزم الأمر.